قصة "حبّ في زمن الحرب" + صورة

قصة
الإثنين ١٣ مارس ٢٠١٧ - ١١:٢٩ بتوقيت غرينتش

هي من دوما، وهو من قرى الساحل، بكل المعاني والدلالات كان اللقاء شبه مستحيل.

العالم - منوعات

فأن يجمعهما سقف واحد كزوجين في خضمّ حرب صارت فيها مناطق سورية كثيرة شبه معزولة أو محاصرة، ذاك كان ما يشبه المستحيل.

حين خرجت إليه كانت تعلم أن طريقها من دوما إلى دمشق سيكون بلا عودة، حتى وإن انتهت الحرب، تقول.

لمى شابّة سورية عشرينية، ملامح وجهها كما اللوحة المرسومة بعناية، صارت زوجة لشاب لم يسلم من الحرب، شظية حوّلته إلى معوق طوال الحياة، لكنه الحب يجعلها لا ترى في "شعيب" ما قد يراه الآخرون، "ترى فيه الزوج، والحبيب"، وتضيف لمى بكل ثقة أنه سيعود يوماً كما كان.

يتحدّث شعيب عن قصة حبه كمن يعيش سعادتين، سعادة استعادة لحظات لقائهما الأول، وسعادة استعادة ذاته، شعيب الشاب الذي لم يعرف الحرب بعد، ولم يكن يخطر له ولو للحظة أنه قد يتعرّض لأذى جسدي كذاك.

يقول: "تقابلنا أول مرة عند أحد الأفران في دمشق، كنا نلتقي بصعوبة إذ كانت "الطائفية" أول ما بدأ يرفع الحواجز بيننا، قبل أن تبدأ الحرب وتضاف حواجز أخرى".

"بعد عامين، بدأت اللقاءات تصبح نادرة، وتتمّ بصعوبة، إذ لم يكن سهلاً على لمى أن تتجاوز الحواجز التي تفصل منطقة أهلها "دوما" عن فضاء دمشق، أو حيث يمكن أن نلتقي".

وكما حال كثيرين، تم استدعاء شعيب إلى الخدمة، كاحتياط، فأصبح الهاتف أداة الاتصال الوحيدة، فحتى لو استطاعت مغادرة "دولتها الجديدة"، لن يستطيع هو مغادرة مكان خدمته، ولم يعد يملك وقته وقراره.

بعد عام على التحاقه بالجيش أصيب شعيب بشظية في ظهره سبّبت له شللاً نصفياً، وتحوّل ابن الخامسة والعشرين إلى معوّق، لا يمكنه التحرّك إلا محمولاً.

يضيف شعيب أنه عندما أدرك ما آلت إليه أموره أخبر لمى بوضعه وبأنه أصبح عاجزاً، لكنها أصرّت على أن تأتي إليه.

ذات صباح غادرت لمى بيت أهلها وهي تعلم أنها، وبعد تجاوز آخر حاجز للمسلحين على مدخل منطقة سكنها لن تعود ثانية، وفعلاً وصلت .. وصارت زوجة لشاب أحبّته، لكنه الآن يفتقد الكثير: مسكناً، مالاً، وصحة تساعده على الحركة.

رغم ذلك تقول إن "قلبه المحب، ووجهه السمح، يعوّضانها عن كل شيء" حتى عن أهلها الذين غادرتهم منذ نحو ثلاثة أعوام.

لم تكن المفاجأة بأن تبقى مصمّمة على الزواج من ذلك الشاب بعدما شاهدت وضعه الجديد، بل بمدى تفانيها في خدمته والعناية به، تقدّم له العناية الصحية الكبيرة والمرهقة التي يحتاجها، وتلازمه منذ أكثر من 6 أشهر في المستشفى، لأنه يخضع لعمليات كثيرة بهدف ترميم جلده الذي تعرض للأذى نتيجة الاستلقاء المديد دون حراك كاف، إضافة إلى محاولة تركيب أطراف سفلية لكن ذلك لم ينجح بعد.

وبقي الأكثر صعوبة أن شعيب، وهي الآن، لا يملكان منزلاً، وسيكون عليهما السكن عند إخونه أو أقاربه عندما يغادران المشفى.

يملك شعيب مساحة صغيرة في منطقة مخالفات، لكن لم "يُنجز" فيها سوى "المنتفعات" التي أعدّتها مديرية الأشغال العسكرية تنفيذاً لمشروع المواءمة، الذي خصت به وزارة الدفاع كل العسكريين المصابين بنسبة عجز تفوق 80%، وشعيب واحد منهم.

"بتمنى إقدر عوّضها وأمّن لها الحياة يلي كنا راسمينها قبل إصابتي متل أي حبيبين"، يقول شعيب وهو يصف مدى امتنانه لتلك الحبيبة التي دخلت حياته كمنقذ لعمره الباقي مما آلت إليه أموره.

أما لمى فنسألها عما إذا اشتاقت لأهلها، أو إذا ما "تعبت وملّت" حياتها الجديدة، فتجيب بأنها اشتاقت لأهلها كثيراً وتتمنى لو يتاح لها التواصل معهم، لكنها لم تملّ أبداً الحياة مع شعيب أو تتعب منها، وأن كل ما تحلم به هو غرفة بسقف تجمعهما، وتتمنى لو تتمكن من علاج زوجها، علّهما ينجبان طفلاً يتمّم عليهما "سعادتهما".

يسرى ديب - آسيا نيوز

114-4