شاهد بالفيديو..

سفير ايراني يكشف للعالم: فاتورة باهظة وتداعيات كارثية جلبها الامريكان لافغانستان

الثلاثاء ٢٢ مارس ٢٠٢٢ - ٠٤:٣٥ بتوقيت غرينتش

اكد السفير الايراني لدى كابول الدكتور بهادر امينيان، ان ضعف موقف الولايات المتحدة ودورها في المنطقة، هو ما اجبر الامريكان على ان يخرجوا من افغانستان، ولكن وللأسف تم ذلك ضمن خطة وسياسة خاطئة، رحلوا وتركوا للشعب الأفغاني الكثير من الالآم.

خاص بالعالم

وقال السفير امينيان في حوار خاص مع قناة العالم خلال برنامج "ضيف وحوار" بعنوان "العلاقات الايرانية الافغانية": ان الشعب الأفغاني وشعوب المنطقة دفعت الكثير عند مجيء الامريكان واحتلالهم وسياساتهم الخاطئة، حتى ان خروجهم كان مُكلفا ايضا، وفاتورة كل هذا دفعها الشعب الأفغاني والمنطقةُ برمتها وخصوصا ايران تدفع ثمنَ هذا.

واوضح السفير الايراني، ان ايران لم تترك الشعب الأفغاني وحده يعاني الصعوبات والمشاكل، في اي وقت كان، سواء كان ذلك في زمن الاتحاد السوفيتي الذي هاجم افغانستان او الصراعات الداخلية، وبعدها عندما اتى الامريكان واحتلوا افغانستان سعت ايران لحفظِ مبادئها والوقوف بجانب الشعب الأفغاني وسعت للتخفيفِ عن بعض المشاكل والازمات التي المَّت به، مشدداً على ان الأمريكان كانوا يمنعون ان تلعب الجمهورية الاسلامية دورا في مجال مساعدة الأقتصاد الافغاني المنهار.

وفيما يلي نص المقابلة:

العالم: سعادة سفير الجمهورية الاسلامية الايرانية، لطالما أكدت ايران الوقوف بجانب الشعب الأفغاني ورفضت الخروج من البلاد واغلاق سفارتها فيها كما فعلت معظم السفارات الغربية بعد الانسحاب الامريكي الصيف الماضي، ما هي حيثيات هذا القرار؟

السفير الايراني: انا سعيد جدا بالتحدث معكم ومع مشاهديكم.. أفغانستان وشعب أفغانستان تربطهما علاقات تاريخية وثقافية وحضارية ودينية مع ايران، صحيح ان هنالك حدودا سياسية بيننا ولكن تربطنا علاقةُ ثقافةٍ تاريخيةٍ وهويةٍ مشتركة، ولهذا لم نرغب في ترك الشعب الأفغاني وحدَه خصوصا في الصعوبات والمشاكل، في اي وقت كان، سواء كان ذلك في زمن الاتحاد السوفيتي الذي هاجم افغانستان او الصراعات الداخلية، وبعدها عندما اتى الامريكان واحتلوا افغانستان سَعَيْنا لحفظِ مبادئنا والوقوفِ بجانب الشعب الأفغاني وسعينا للتخفيفِ عن بعض المشاكل والازمات التي المَّت به.

وعندما قرر الأمريكان الخروج من افغانستان احسسنا بوجوب البقاء الى جانب الشعب الأفغاني، وخلال الاشهر السبعة الماضية كانت حدودنا مفتوحة امام الشعب الأفغاني وكان اغلب خروج الافغان ودخولِهم الى البلاد عن طريق ايران، وكانت ايران عبارةً عن نافذة للأفغان الذين كانوا يعانون الكثير من الضغط ويعانون المشاكل، اجل كانت الحدود مفتوحة ولذا سعينا ان نبقى بجانبهم لنخفِّفَ عنهم الالام والمحن والمصاعب.

العالم: كيف تقرأون الطريقة التي انسحبت فيها امريكا من افغانستان؟

السفير الايراني: وجود الأمريكان هنا كان مفروضا على المنطقة، كان وجودهم هنا احتلالا ولم يكن يتماشى مع ظروف المنطقة، كانوا غير طبيعيين هنا، فلذا لم يكن باستطاعتهم الاستمرار هنا للأبد، كان يجب عليهم الخروج، وبالنظر إلى ضعف موقف الولايات المتحدة ودورها في المنطقة كان الامريكان مجبرين على ان يخرجوا من هنا عاجلا ام اجلا، وللأسف تم ذلك ضمن خطة وسياسة خاطئة، رحلوا وتركوا للشعب الأفغاني الالام، وقد دفع الأفغان والمنطقةُ الكثير بمجيئهم واحتلالهم وسياستهم هنا، حتى ان خروجهم كان مكلفا ايضا وفاتورة كل هذا دفعها الشعب الأفغاني والمنطقةُ برمتها وخصوصا ايران تدفع ثمنَ هذا.

العالم: ما الذي دفع الرئيس الافغاني اشرف غني بالفرار، وتسبب بانهيار النظام، هل هو عدم الثقة بالامريكيين؟

السفير الايراني: الرئيس اشرف غني قالها بصراحة ان خطئي هو أنني اعتمدت على الامريكان اكثر مما ينبغي، كل من يعتمد على الغرباء ولا يعتمد على شعبه لا مكانة له، بالطبع كنا نحاول كثيرا ان نصحح سياسة الحكومة الأفغانية السابقة ولكن للأسف لم يكن بالامكان لثقتهم الزائدة بالامريكان. والحكومة السابقة كانت غير كفوءة وكانت فاسدة ايضا وغير فعالة ولم يکن باستطاعتها الاستمرار بهذا الوضع.

العالم: في اطار الدعم الايراني للأفغان، قامت الجمهورية الاسلامية باقامة جسر جوي وبري لإرسال المساعدات، ما أهمية هذه المساعدات في ظل الازمة الاقتصادية والإنسانية في افغانستان؟

السفير الايراني: الامريكان خلال حضورهم هنا في افغانستان مدة عقدين من الزمن إدَّعوا انهم انفقوا المليارات من الدولارات في هذا البلد. مع كل هذا بدَّلوا افغانستان الى بلد فقير ومنهار ولا يستطيع العمل، لا توجد لديه اية انتاجات داخلية وكلَّ ما يحتاجونه يتم استيراده من الخارج. وبعد التطورات التي حدثت هنا عانوا الكثير من المشاكل حسب الأحصائيات التي نشرتها الأمم المتحدة.

ان اكثر من 80% من الشعب الأفغاني لا يملكون قوت يومهم واكثر من 90% منهم يواجهون سوء التغذية الحاد، هذا ما اورثه الأمريكان للأفغان، هذا البلد هو مستهلك ومجبر على الإستيراد من الخارج ونحن منذ 7 اشهر ولم نغلق سفارتنا هنا ليوم واحد، بل وسعينا لحماية شريان الحياة فيها وكذلك امددنا الأفغان بعشرات القوافل من المساعدات الانسانية. اعتقد اننا نفذنا اكثر من 14 رحلة جوية تحمل المساعدات الانسانية للشعب الأفغاني.

والأهم من كل ذلك ان حدودنا كانت مفتوحة ليتمكن الأفغان من السفر خارج البلاد وتأمين احتياجاتهم للتقليل من المشاكل التي يعانونها، ونحن نعلم انه كلما كبرت مشاكل الأفغان فهؤلاء سيقومون بالنزوح الى ايران. وللاسف فقد زاد عدد المهاجرين الأفغان في ايران ووصل الى مليون شخص خلال 7 اشهر، وللأسف ذهب بعضهم الى ايران عبر اتّباع الطرق غير القانونية.

العالم: سعادة السفير أنتم كنتم هنا زمن الحكم السابق واليوم فيما الحكم بيد طالبان هل تستطيع ان تصف لنا ما الذي تغير؟

السفير الايراني: المشكلات الأقتصادية التي تعاني منها أفغانستان لن تُحَلَّ في ليلة او في شهر او حتى خلال سنة، هذه المشكلات لها جذور وللاسف عندما اتى الأمريكان الى هنا قضوا على البنية التحتية للأقتصاد الأفغاني. الحكومة الجديدة مستمرة بالعمل على سياسة الحكومة القديمة ولكن الفرق هنا هو ان الحكومة السابقة كان يتم دعمها من الخارج بينما الان لا احد يدعم الحكومة الحالية، وهذا سبب تفاقم المشاكل الأقتصادية للمواطنين الأفغان. وتكمن بعض النقاط الايجابية للحكومة في حل الأمن والأمان، واعتقد ان هذه هي المرة الأولى خلال 40 سنة الماضية، ونستطيع القول ان افغانستان لم تكن تحت سيطرة حكومة واحدة خلال الأعوام الماضية، كما قلنا ان افغانستان تتمتع بحاكم واحد لكافة اراضيها، والموضوع الثالث وهو نقطة ايجابية ايضا هو عدم وجود الفساد الذي كان قائما في الحكومة القديمة.

العالم: هل تاثرت التجارة بين البلدين نتيجة التحولات في افغانستان وما هو حجم التبادل التجاري؟ ما هي الأفاق الذي تتصوره للتبادلات التجارية والاقتصادية بين إيران وأفغانستان؟

السفير الايراني: الجمهوريةُ الاسلامية كانت بيدها الحصةُ الكبرى من السوق في افغانستانَ سابقا وكانت تَبلُغُ صادراتُنا اليها 3،5 مليار دولار خلال العام الواحد، الان ضعُفَ الأقتصادُ في افغانستان وتاَثَّرَ هنا بسبب الازمة والتطورات الاخيرة وانخفضت صادراتُنا بسبب ضَعف السوق والفقرِ والطلب هنا، ولكنْ لم تتأثر حِصَّتُنا من السوق الأفغانية بل ارتَفَعت ايضا عن ما كانت عليه سابقا، ومن الممكن ان لا تبلغ قيمةُ صادراتنا 3،5 مليون دولار الان ولكنها لا تقل عن ملياريْن او 2،5 مليون دولار، هذا كله ولم تصلنا الأحصائاتُ النهائية الدقيقة لهذا العام حتى الان، من المؤكد ان حجمَ صادراتنا انخفض هذا العام ولكنَّ حصتنا في السوق لم تنخفض.

بالأضافة الى انه كنا سابقا نعمل في مجال التصدير لأفغانستان فقط بسببِ وجود الأمريكان وكانوا يمنعون ان تلعب الجمهورية الاسلامية دورا اكبر في اي مجال وعلى اي صعيد، الان الشروط متوفرةٌ نستطيع القدومَ لمساعدة الأقتصاد المنهار في افغانستان ونَسعى لإعادة الإعمار في افغانستان. وتهدف الجمهورية الاسلامية الأيرانية تغيير الوضع في افغانستان اذ اِنها الان بلدٌ مستورِد ومستهلِك، ولان افغانستان تمتلك الارضية الخصبة نحاول تبديلها الى بلدٍ منتج ومتطور، واذا استطعنا القيامَ بهذا الأمر نستطيع الوقوفَ امام الهجرة في البلاد وانتاجِ المخدرات والأهم الوقوفَ امام اتساعِ رقعة الإرهاب والتطرف ووضعِ حد لهذا كله.

كلما زاد الفقر في افغانستان والاستهلاكُ والنقص فسيسعى الأفغانُ للهجرة ويجب علينا نحن دفع الثمن وسيَكثُر انتاجُ المخدرات، وايضا نحن من سيدفع الثمن، ونمو الإرهاب والتطرف هنا يجب ان نَدفَعَ ثمنَ كل هذا، فلهذا هدفُنا ان نُبدِّلَ افغانستان الى بلد يتمتع بالأكتفاء الذاتي والاعتمادِ على المصادر الداخلية، وكان لنا خطط وبرامج طرحناها على الحكومة السابقة.

على سبيل المثال ان افغانستان تستورد الطاقة من خارج البلاد ولكنْ لديها من الموارد الطبيعية ما يكفي ويزيد لتوليد الطاقة هنا ولكنها تستوردها من خارج البلاد، طرحنا على الحكومة السابقة 27 مشروعا لتوليد الطاقة وقلنا لهم اننا حاضرون بالقدوم الى هنا للاستثمار وتوليد الطاقة، ولكن للاسف الامريكان لم يَسمحوا بذلك حتى فيما يخص المعادن والطرق والسكك الحديدية والترانزيت والتعليم وخصوصا في مجال الزراعة لان افغانستان يعمل اكثر من 60% من سكانها في الزراعة ولكن للاسف خلال السنوات الماضية لم يتم الاستثمار في مجال الزراعة.

الزراعة في افغانستان تعتمد على الطرق التقليلدية القديمة غير النافعة، نحن حاضرون ان نأتي الى افغانستان ونستثمر في مجال الزراعة لمضاعفة الأنتاج اَضعافا مضاعفة ومستعدون ان نشتري هذا المحصول، وكل هذه فرصٌ جيدة للشعبين الأفغاني والإيراني.

العالم: كما هو معلوم تستضيف ايران اكبر مجموعة من المهاجرين الافغان بواقع نحو ٣ ملايين لاجىء، من جهة اخرى هنا ما يشبه موجة نزوح جديدة من افغانستان بسبب الأوضاع الاقتصادية والإنسانية المتردية هنا، كيف يتم التعاطي مع هذا الملف، ملف المهاجرين الافغان؟

السفير الايراني: كما اسلفت، اننا نعلم ما هو حجمُ المشاكل الأقتصادية التي يمر بها الشعب الأفغاني، وللاسف يسعى الكثير بالخروج من البلاد ويراجعنا الالاف من الافغان للحصول على الفيزة ونحاول ان نوفر الشروط اللازمة، لانه من ناحية اخرى يحاول الالاف الدخول الى ايران عبر الحدود بشكل غير قانوني. لدينا حدود مشتركة بطول 940 كيلومتراً ويحاول الافغان الدخول الى ايران عن طريق الحدود الافغانية والباكستانية مع ايران، فلذا قررنا ان نعمل على منحهم الفيزة بشكل اسرع لعدم اتباعهم الطرق غير القانونية.

ونمنح 5000 شخص الفيزة بشكل يومي ليستطيع هؤلاء السفر بكرامة الى ايران وان لا يواجهوا المشاكل ولكن نعتقد انه يجب ان يتم مراقبة هذه المسألة مستقبلا، والطريقة هي ان نعمل على ايجاد فرص عمل داخل افغانستان وان يبقى الشعب الأفغاني هنا، ويرجِعَ الى البلاد مَن هاجرها، ونأمل ان يساعد المجتمعُ الدولي في ايجاد مخيمات داخل الاراضي الافغانية وتنظيم هذه الظاهرة، ولكن اذا نريد ان يتم حل الموضوع فعلى المجتمع الدولي ان يساعد على ايجاد فرص عمل داخل افغانستان لكي لا يُجبَرَ الشعبُ على الهجرة، وكل من يهاجر يتعرض لمشاكل كثيرة.

العالم: هل هناك تعاون او تنسيق أمني بين الجمهورية الاسلامية الايرانية وحكومة طالبان وما هي ابرز المجالات؟

السفير الايراني: مع الأخذ بعين الأعتبار انه لم يتم الأعتراف بحكومة طالبان بشكل رسمي من قبل اي دولة حتى الان لم يكن لدينا تعاون رسمي ولكننا نمتلك حدودا مع افغانستان بطول 940 كيلومتراً، فنحن مضطرون للتعامل معهم، ويجب علينا ان نتعامل مع حرس الحدود خصوصا اننا نسعى لضبط ومراقبة نشاطات المجموعات الإرهابية حتى تستطيع الحكومة الحالية ان تراقب المجموعات الإرهابية المتطرفة.

العالم: هناك تقارير دورية تتحدث عن تنامي نشاط التنظيمات الارهابية مثل داعش والقاعدة بعد استلام طالبان مقاليد الحكم، ما هي آخر المعطيات المتوفرة لديكم في هذا الشان؟

السفير الايراني: الان لا تسيطر المجموعات الإرهابية مثل داعش على اي بقعة، وتعتقد الحكومة الحالية طالبان انها سيطرت على داعش بشكل كامل وتكاد تقول اِنه لم تعد موجودةً هنا، ولكننا نعتقد ان المجموعات الإرهابية يتم ادارتُها وتمويلها من خارج البلاد، انهم موجودون ويقومون بتوجيه ضربات، ولدينا مخاوف كثيرة في هذا الصدد.

العالم: يقول البعض إن طالبان احتفظت بالقاعدة كخطة بديلة لمواجهة الأعمال العدائية الأمريكية المستقبلية مع أفغانستان، هل توافق على ذلك؟

السفير الايراني: لا نستطيع ان نعتمد على التكهنات، نعتمد على المعطيات التي نراها موجودة على الأرض، حاليا لا نرى وجودا للقاعدة على الإراضي الأفغانية ونتمنى ان لا يكون هنالك محل للمجموعات المتطرفة الإرهابية في افغانستان مستقبلا.

العالم: افغانستان مهمة بالنسبة لايران فلهذا خصص الرئيس ابراهيم رئيسي مبعوثا خاصا، وقد زار السيد كاظمي قمي عدة مرات العاصمة كابول؛ ما هي ابرز المجالات المطروحة للحوار؟

السفير الايراني: نستيطع ان نقسم اعمال وبرنامج عمل السيد قمي الى عدة اجزاء، في البداية نحن ابلغنا قادة حركة طالبان عن وجهة نظرنا وقلنا لهم انه اذا كان من المقرر ان تكون افغانستان بلدا آمنا فيجب على الجميع ان يشارك ولا يجب على مجموعة معينة ادارة البلاد، وسَعَينا لتمهيد الإرضية لتشكيل حكومة شاملة في افغانستان ودافعنا عن حقوق الاقليات في هذه القضية، وهذا هو الأمر الأول الذي قمنا به حيث ابلغنا حكومة طالبان عن وجهة نظرنا بهذا الخصوص وتباحثنا مع طالبان بالأمر.

الأمر الثاني، ان علاقة البلدين ممكن ان نمثلها بشتلة نباتية تحتاج دائما الى العناية والسقاية، في البلدين هناك علاقات مختفلة سياسيةٌ واقتصادية واجتماعية، تربطنا حدود بطول 940 كيلومتراً، وهنالك الملايين من المواطنين الأفغان في ايران، كل هذه الأمور موجودة ولا يجب ان نَدَعَ كي تبرز مشاكل في هذا الطريق.

السيد كاظمي قمي خلال حضوره هنا وفي ايران كان سعيه دائما ازالة العقبات وان تتعاون المنظمات والمؤسسات والوزارات للعمل على حل المشكلات. وكان المبعوث الخاص موفقا جدا بهذا الخصوص وكذالك في حل مشاكل النازحين الافغان الموجودين في ايران.

والموضوع الثالث، بالأضافة الى الملف الأقتصادي هو بعض المواضيع الخاصة مثل مسألة الحدود والماء حيث سعى السيد القمي البحث في هذه القضايا.

العالم: سعادة السفير، إلى اين وصلت الجهود الايرانية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الأفغانية؟

السفير الايراني: قلنا ان وجود طالبان في افغانستان حقيقة ولا أحد يستطيع ان ينكر ذلك ولكن الواقع الأفغاني لا يتلخص بطالبان فقط فهنالك وقائع اخرى ايضا، وسعيُنا كان في ان نساعد كي لا تتقابل الأطراف الأفغانية فيما بينها، بل ان تقف بجانب بعضها البعض، ونعتقد ان 40 عاما من معاناة الحرب والقتال للشعب الأفغاني يكفي، كما سَعَيْنا ان نستضيف الأطراف المتناحرة فيما بينها لتجلس على طاولة للحوار في العاصمة طهران ونتمنى ان تصل هذه الجلسات لنتيجة جيدة.

العالم: ما هي مصالح وأهداف كل دولة من دول روسيا وقطر وتركيا والإمارات وباكستان في أفغانستان، واين تتفقون وهذه الدول بالمصالح في أفغانستان وفي أيها تتعارض مصالحكم هنا؟

السفير الايراني: منذ بداية الأحداث في أفغانستان كانت لدينا اجتماعات على مستوى وزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان وعلى مستوى المبعوثين الخاصين لهذه الدول الى افغانستان في طهران واسلام اباد. وكانت هناك مواضيع جيدة اتفقنا عليها، وتقريبا وجهة نظر واحدة تجمع هذه الدول بخصوص افغانستان وهي ان تكون هنالك حكومة شاملة تحكم البلاد والجميع اتفق على هذه القضية، وليس هنالك مواضيع اختلفت عليها هذه الدول، والجميع يعتقد انه يجب مساعدة افغانستان، والجميع متفق على ان خروج الامريكان هو فرصة جيدة وكان على الامريكان الخروج، وهذه مواضيع اتفقنا عليها، من الممكن ان نكون قد اختلفنا على مواضيع صغيرة ولكنها ليست ذات اهمية ولكن الأهم هو اننا جميعا نتفق على كثير من الامور ولنا وجهة نظر واحدة.

العالم: ما هي وجهة نظر طهران حول المقاومة المسلحة ضد حكم طالبان؟

السفير الايراني: طالبان استطاعت السيطرة على افغانستان دون ان تقوم حربٌ جدية. كما رأيتم فان طالبان استطاعت السيطرة على البلاد بسرعة هائلة دون اطلاق رصاصة واحدة، ومن الممكن ان تكون هذه الحكومة غير مقبولة من قبل البعض وتوجد هناك اعتراضات وهذا شيء طبيعي ونحترم ذلك.

وعلى هؤلاء ان يقبلوا النقص الذي لديهم، وبعض ما يعترض عليه هؤلاء وجهاتُ نظر محقة، ولكن كما قلت لكم انه انتهى وقت الحرب والنزاعات فالشعب الأفغاني عاش اكثر من 40 عاما بالحرب والنزاعات وكنا شاهدين على ان هذه الحروب كانت السبب بضياع الفرصة للاسقرار، الان ليست هنالك مقاومة مسلحة حقيقية في اي مكان بأفغانستان، ولا تسيطر اي مجموعة معارضة على اي منطقة من ارضها، كما انه لا توجد اي منطقة تتنازع عليها مجموعةٌ معارِضة مع حكومة طالبان، نعم هنالك اعتراضات سياسية ومدنية.

العالم: قلتم في مقابلة صحفية سابقة ان الحكومة المؤقتة الحالية لطالبان ليست شاملة، وايران تشترط ان تكون الحكومة شاملة للأعتراف الرسمي بها، ما هي التعديلات المطلوبة للاعتراف بحكومة طالبان؟

السفير الايراني: هنالك بعض الدول تأتي وتقدم قائمة بأننا نريد هذه الشخصيات ان تكون في حكومتكم او بعض الأشخاص من الحكومة السابقة يجب ان يتم ضمهم في الحكومة الحالية، الجمهورية الاسلامية في ايران ليس لديها موقف كهذا، نحن نعتقد انه اذا ما ارادوا ان تكون افغانستان مستقرة فلا يجب على قومية معينة ان تحكم البلاد، بل ان تمثل الحكومةَ جميعُ القوميات ليصل البلد الى الاستقرار والسلام والهدوء. هذه هي وجهة نظرنا، ولكننا نعتقد ان الحكومة يجب ان لا تمثل قومية ومجموعة معينة بل يجب ان تكون شاملة، والأهم للجمهورية الاسلامية هو ان تكون الحكومة قوية وتلتزم بتعهداتها وان تكون مسؤولة امام الشعب ومسؤولة عن امن حدودها وتضبطها وان تستطيع ضبط المجموعات الإرهابية، وان تفي بوعودها امام شعبها وارضها وجيرانها.

العالم: الوثيقة الشاملة للتعاون الاستراتيجي بين ايران وافغانستان، استغرق العمل عليها لاكثر من ٤ اعوام مع الحكومة الأفغانية السابقة، وباستثناء بندين فهي شبه مكتملة وبانتظار التوقيع، هل فاتحتم حكومة طالبان حول الموضوع، ما مصيرها؟

السفير الايراني: نعم كان لدينا حوار مكثف حولها مع الحكومة السابقة ولكن العقبة الرئيسية لعدم اجرائها كان حضور الامريكان هنا فالأمريكان لم يريدوا ان يتم توقيع هذه الوثيقة الشاملة ووقفوا امام توقيعها، الحكومة الحالية ليست متسلطة بشكل كامل، ونتمنى ان نستطيع ازالة العقبات والحواجز وطرح هذه الوثيقة مع الحكومة الحالية.

العالم: سعادة السفير.. ما هي آخر حالة لنهر هلمند وما هو مستقبل هذا النهر؟

السفير الايراني: هنالك معاهدة بين ايران وافغانستان بخصوص هذه القضية. ولكن للأسف قامت الحكومة السابقة ببناء سد على النهر في حين كان مقررا وصول المياه الى ايران طبقا المعاهدة المذكورة، للاسف تم توجيه الماء الى حقل الملح وهذه المنطقة المالحة لا يستفيد منها الطرفان. هذا العام لم يصل لأراضينا ماء بشكل كاف، وعلى اساس المعاهدة التي وقعناها يجب ان يتم تزويد ايران بـ 820 مليون متر مكعب من المياه، ولكن هذا العام لم تصل الى اراضينا اكثر من 20 مليون متر مكعب من المياه حيث تم فتح المياه قبل 5 اشهر من تاريخه، لأن الماء الذي كان من المقرر ان يصل الينا تم توجيهه الى حقل الملح.

المواطنون في سيستان وبلوشستان هم اُخوةٌ واصدقاءُ يجمعهم دمٌ واحد مع الافغان، انهم يعانون من مشاكل جمة بسبب نقص المياه، الحقول الزراعية جفت ومعها بحيرة هامون، وهذا قد يسبب ازمة لشعب افغانستان ايضا، وكل هذا كان بسبب بناء سد وتوجيه المياه الى حقل الملح وهدر المياه بدل الأنتفاع منه. طلبنا من الحكومة الفعلية ان تعمل على حلها بموجب المعاهدة الموقعة بين البلدين.

العالم: سعادة السفير ما كان جواب الحكومة فيما يخص نهر هلمند وهذا الماء الذي يذهب هباء كما تتفضلون؟

السفير الايراني: وكيل وزارة الطاقة والمياه في افغانستان وومسؤولون آخرون اكدو اننا نقبل المعاهدة وان هذا الماء هو حق لايران وان افغانستان تتعهد بتأمين هذه المياه، ولكنَّ الان توجد مشاكلُ تقنية لتنفيذ المعاهدة، الان فُتح الماء ولكنَّ كمية قليلة من المياه وصلت الى ايران بحيث لاتلبي حاجة اهل المنطقة ولا تكفي للاعمال الزراعية فيها، وهذا يؤكد ان افغانستان لا تكون على قدر من المسؤولية التي تعهدت بها؟

العالم: هل تغيرت استراتيجية أفغانستان منذ مغادرة الولايات المتحدة؟

السفير الايراني: صحيح ان وجود الامريكيين هنا كانت له اثار سيئة الا ان المنطقة حتى في ذلك الزمن كانت تجبر الحكومة والامريكيين على تقبُّلِ واقعها. الأحداث التي طرأت هنا في افغانستان هي تطورات ايجابية، والان اتت حكومة جديدة نتمنى ان تستطيع الوفاء بالتزاماتها.