مجزرة جنين..أيادي نتنياهو الملطخة بدماء الفلسطينيين وثأر المقاومة قريبا

مجزرة جنين..أيادي نتنياهو الملطخة بدماء الفلسطينيين وثأر المقاومة قريبا
الخميس ٢٦ يناير ٢٠٢٣ - ٠٦:٤٢ بتوقيت غرينتش

عندما يؤكد المتحدثون باسم فصائل المقاومة الفلسطينية قديمها وجديدها، بأن الثأر والانتقام للشهداء التسعة الذين ارتقت أرواحهم برصاص القوات الإسرائيلية التي اقتحمت مخيم جنين فجر اليوم، فإن هذه الفصائل إذا وعدت أوفت بالوعد، وعلينا أن نتوقع حرب "سيف القدس2" في أي لحظة في الأيام وربما في الساعات القليلة المقبلة.

العالم - مقالات وتحليلات

القوات الإسرائيلية ارتكبت مجزرة في المخيم الصامد الذي أصبح "غزة الصغرى" وقد يصبح قريبا "غزة الكبرى"، ومثلما كبّد رجاله الجيش الإسرائيلي عام 2002 أكثر من 26 قتيلا بينهم جنرالات، فمن غير المستبعد أن يكون الرد الانتقامي أكثر من ذلك بكثير، حسب أحد المقربين من كتائب جنين القوّة الأهم والأضخم في المخيم.

عندما التقينا القائد زياد النخالة زعيم حركة الجهاد الإسلامي في بيروت قبل ثلاثة أشهر ولأكثر من أربع ساعات، أكد لنا أن المقاومين في الضفة الغربية سيثأرون لدماء كل شهيد يرتقي برصاص الاحتلال، وأن التنسيق بين حركته والكتائب، وخاصة كتيبة شهداء الأقصى الفتحاوية، و"عرين الأسود" وبلاطة، والقسام، في ذروتها حيث هناك تنسيق كامل على الصعد كافة في مجالات تبادل المعلومات والسلاح.

القوات الإسرائيلية التي قتلت مدنيين، وقصفت مستشفى جنين بقنابل الغاز وخاصة جناح الأطفال فيه، أعطت الضوء الأخضر لفصائل المقاومة بالرد باستهداف المستوطنين، وليس الجنود ورجال الأمن فقط، والتخطيط لعمليات في العمق الفلسطيني المحتل في أراضي ومدن داخل الخط الأخضر، على غرار عمليات بئر السّبع والخضيرة وتل أبيب وباراك التي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 20 إسرائيليا وإصابة العشرات.

الجانب الإسرائيلي الذي واجه مقاومة شرسة لأكثر من ثلاث ساعات اضطرت قواته بعدها للانسحاب هروبا من المخيم لا يعلن عن خسائره، ويمنع وسائل الإعلام من أي نشر معلومات حول الهجوم بسبب الرقابة العسكرية المشددة على الصحف ومحطات التلفزة، لكن شهود العيان أكدوا إسقاط طائرة مسيرة، وسقوط قتلى ومصابين، وعلينا أن نتذكر أن كيان الاحتلال كذبت عندما نفت وقوع خسائر للصواريخ العراقيّة الـ 39 التي قصفت تل أبيب أثناء حرب الكويت ولم تعترف بأعداد قتلاها الحقيقي إلا بعد ثلاثين عاما.

بنيامين نتنياهو أراد هذا الهجوم لحرف الأنظار عن أزماته الداخلية، ومئات الآلاف من المتظاهرين الذين يطالبون بإسقاط حكومته الفاشية، ولكن النتائج جاءت عكسية تماما، وستصعد مجزرة جنين أزماته وربما بسقوطه، لما يمكن أن يترتب عليها من متابعات وعمليات، والتعجيل أيضا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وربما الكيان العبري العنصري برمته، فالانتفاضة المسلحة الأولى عام 2000 استمرت أربعة أعوام ولم يكن سلاحها يشمل الصواريخ والمسيّرات، فهل يتحمل كيان الإحتلال استمرار الانتفاضة المسلحة الثالثة المدعومة بالكتائب الشابة، والرافضة للسّلطة واتفاقات أوسلو، وتؤمن بخيار المقاومة والشهادة كخيار وحيد، أربع أو خمس سنوات؟

هذه المجزرة الإسرائيلية وضعت فصائل المقاومة، وخاصة حركة "حماس" التي تحكم قطاع غزة أمام امتحان صعب للغاية، ولا تستطيع تجنبه مثلما حدث في عدوان أيار (مايو) الماضي عندما تركت حركة "الجهاد الإسلامي" تواجه قدرها لوحدها في مواجهة الاحتلال في حرب الأيام الثلاثة التي أطلقت خلالها الحركة أكثر من أربعة آلاف صاروخ وقذيفة انتقاما لاعتقال اثنين من قياديّها في مخيم جنين.

العدوان الإسرائيلي اليوم لم يستهدف حركة "الجهاد الإسلامي" وحدها في جنين فقط، وإنما حركة "حماس" أيضا حيث كان بين الشهداء التسعة أربعة من كوادرها، فهل تمتنع عن الرد خوفا من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، مثلما كان الحال في حرب "سيف القدس 1" وعلى ماذا تخشى "حماس" على الحصار التجويعي لميلوني فلسطيني في القطاع والفقر والإذلال، أم على مفاوضات تبادل الأسرى التي انهارت؟

أحد أبناء مخيم جنين قال بالحرف الواحد "إن قطاع غزة ليس أغلى من مخيم جنين، وها هي قوات الاحتلال تقتحمه، وها هم أبناؤه يدافعون عنه برجولة وشجاعة، رغم أنهم لا يملكون صواريخ كورنت المضادة للدبابات، ولا المدفعية الثقيلة، ولا حتى البنادق الكافية للدفاع عن أنفسهم”.

اللّيلتان القادمتان ربما تكونان الأخطر بالنسبة للاحتلال، فإذا لم ترد حركة حماس بصواريخها، وهذا مستبعد، فربما لن تكون قادرة على منع الفصائل الأخرى من الرد، و”الجهاد الإسلامي” خاصة، وفي هذه الحالة ستواجه في قطاع غزّة ما واجهته السّلطة وقوّاتها الأمنيّة عام 2007 عاجلا أم آجلا.

***

ما بعد مجزرة جنين لن يكون مثل قبلها، فالمرحلة المقبلة ستكون مختلفة كليا، من حيث التركيز على المقاومة وتسليحها بأسلحة قادرة على مواجهة دبابات الاحتلال، ومدرعاته، وتستطيع ضربه في مقتل، ومن أوصل الصواريخ والمسيرات وصواريخ الكورنيت إلى قطاع غزة يستطيع تهريبها والتكنولوجيا اللازمة لتصنيعها إلى الضفة الغربية مهما طال الزمن.

نتنياهو ذهب إلى الأردن لتأمين الحدود، والحد من تهريب الأسلحة لأنه كان يعلم جيدا بعملية اقتحام مخيم جنين وما يمكن أن يترتب عليها من تبعات خطيرة جدا، ووجد يا للأسف استقبالا حارا، من قبل مضيفيه في العاصمة الأردنية.

نبارك للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين وتهنئتهم بهذا الصديق والحليف الإسرائيلي الوفي والذكي جدا، الذي يختار هذا الوقت الحرج الذي يخوضون فيه حربا عالمية يحشدون لها الدبابات للتصدي للهجوم الروسي الربيعي، بالإقدام على إشعال فتيل حرب في منطقة الشرق الاوسط توحد أكثر من 400 مليون عربي ضدهم باعتبارهم المؤسس والداعم الأكبر لهذا الكيان العنصري الفاشي وحروبه، ولا نعتقد أن زيارة أنتوني بلينكن وزير الخارجيّة الأمريكي الطارئة إلى الشرق الأوسط من أجل التهدئة ستحقق أهدافها وتوقف العنف، حسب تعبيرهم، لأن كتائب "عرين الأسود" وبلاطة وجنين والقسّام والأقصى، هم أصحاب الكلمة العليا، وليس مضيفيه في رام الله أو العواصم العربية.. والأيام بيننا.

عبدالباري عطوان _ راي اليوم