هل بدأت الثورة الفلسطينية ضد الاحتلال مبكرا ودون انتظار شهر رمضان؟

هل بدأت الثورة الفلسطينية ضد الاحتلال مبكرا ودون انتظار شهر رمضان؟
الأربعاء ٢٣ مارس ٢٠٢٢ - ٠٨:٢٦ بتوقيت غرينتش

العملية الفدائية التي نفذها شاب فلسطيني في مدينة بئر السبع عصر الثلاثاء وأدت إلى مقتل 4 مستوطنين وإصابة اثنين آخرين أحدهما حالته خطيرة ربما تكون تجسيدا لحالة القلق التي تسود أوساط القيادة الإسرائيلية هذه الأيام تحسبا لتصعيد كبير في أعمال المقاومة مع مقدم شهر رمضان الكريم، والعنصر المفجر لهذه المقاومة.

العالم - فلسطين

أن تكون مدينة بئر السبع هي ميدان هذه العملية فهذا الاختيار ينطوي على معاني عديدة، أبرزها سياسة الاقتلاع والإخلاء التي تمارسها حكومة الاحتلال وقواها الأمنية للمواطنين السبعاويين بالقوة تمهيدا لاستبدالهم بمستوطنين يهود من مختلف أنحاء العالم، والأوكرانيين منهم على وجه الخصوص، الذين بدأوا يتدفقون على الأراضي الفلسطينية المغتصبة.

الشاب الشهيد منفذ العملية لا بد أنه من أسرة جرى هدم بيتها، والقذف بها إلى العراء، وعشرات الآلاف من أبناء النقب الذي تمتد جذورهم في هذه المنطقة لآلاف السنين لإفساح المجال لمستوطنين جدد لم تطأ أقدامهم هذه الأرض المقدسة مطلقا، وهذا لا يعني أن هذا الشهيد ينتمي إلى الأسرة الفلسطينية الكبرى فقط وإنما الأمتين العربية والإسلامية أيضا.

شباب المقاومة في الضفة الغربية والمناطق المحتلة عام 1948 وقطاع غزة، لم ينتظروا مقدم شهر الفداء والتضحية لمواجهة الاحتلال، وأرادوا أن يتصدوا بقوة لقواته مبكرا انطلاقا من بئر السبع، وأن يكونوا قدوة ومثلا لأشقائهم في الضفة الغربية ومدنها المحتقنة ذات التاريخ العريق في هذا المضمار مثل نابلس وجنين والخليل وطولكرم، إلى جانب الأهالي الذين يعانون من العنصرية والاضطهاد في اللد والرملة ويافا وبئر السبع والقائمة تطول.

الوسطاء العرب حلفاء الاحتلال الذين استنجدت بهم حكومة بينيت للتدخل لتهدئة الغضب الفلسطيني ولبوا النداء فورا، لن تلقى جهودهم أي نجاح، لأن هؤلاء الشباب لا يخضعون لأي سلطة، ولا يعترفون بحكومة رام الله، ويعتبرون تنسيقها الأمني قمة الخيانة والعار، ومن تطوع لهذه الوساطة عليه أن يتراجع، وأن لا يقف في طريق هذه الانتفاضة والحاضنة الشعبية لها التي ينضوي تحت خيمتها أكثر من سبعة ملايين فلسطيني في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أن يقتل شاب فلسطيني أربعة مستوطنين إسرائيليين طعنا بالسكين، فهذا مؤشر على حجم الغضب في أعماقه وأوساط أشقائه الفلسطينيين من جراء حالة القهر والإحباط التي يعيشها هؤلاء، وعلينا أن نتصور كم حجم القتلى والجرحى لو كان هذا الشاب يملك سلاحا ناريا؟ ومن المؤكد أن أقرانه قد يملكونها في ظل ورش التصنيع المتكاثرة في الضفة الغربية.

الخطأ القاتل الذي اقترفته الحكومة الإسرائيلية، وأجهزتها الأمنية الإرهابية اعتقادها بأن أساليب القمع والقتل وتوظيف قوات الأمن الفلسطيني لحماية المستوطنين نجحت في قتل إرادة المقاومة لدى أبناء الشعب الفلسطيني، وها هو هذا الشاب السبعاوي، وقبله شهداء نابلس وجنين والخليل والقدس المحتلة يثبتون عمليا خطأ هذا الاعتقاد، بل سذاجته أيضا، ويؤكد أنهم لا يعرفون هذا الشعب جيدا.

الثورة الفلسطينية ضد الاحتلال العنصري بدأت، ولن يوقفها التطبيع العربي وحكوماته، ولا تواطؤ الأمن الفلسطيني العميل، ولا تزلف الوسطاء، ولعل شهر رمضان الكريم المقبل سيكون علامة فارقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية.. والأيام بيننا.

“رأي اليوم”